responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 141
وَجُمْلَةُ أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ ابْتِدَاءُ ذَمٍّ لَهُمْ، وَجِيءَ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ لِأَنَّهُمْ قَدْ تَمَيَّزُوا بِوَصْفِ الشَّهَادَةِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ [الْبَقَرَة: 5] بَعْدَ قَوْلِهِ: هُدىً لِلْمُتَّقِينَ [الْبَقَرَة: 2] الْآيَةَ.
وحَبِطَتْ بَطَلَتْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [217] .
وَتَقْدِيمُ فِي النَّارِ عَلَى خالِدُونَ لِلرِّعَايَةِ عَلَى الْفَاصِلَةِ وَيَحْصُلُ مِنْهُ تَعْجِيلُ الْمَسَاءَةِ لِلْكُفَّارِ إِذا سَمِعُوهُ.
[18]

[سُورَة التَّوْبَة (9) : آيَة 18]
إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسى أُولئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (18)
مَوْقِعُ جُمْلَةِ إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ الِاسْتِئْنَافُ الْبَيَانِيُّ، لِأَنَّ جُمْلَةَ: مَا كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ [التَّوْبَة: 17] لَمَّا اقْتَضَتْ إِقْصَاءَ الْمُشْرِكِينَ عَنِ الْعِبَادَةِ فِي الْمَسَاجِدِ كَانَتْ بِحَيْثُ تُثِيرُ سُؤَالًا فِي نُفُوسِ السَّامِعِينَ أَنْ يَتَطَلَّبُوا مَنْ هُمُ الْأَحِقَّاءُ بِأَنْ يَعْمُرُوا الْمَسَاجِدَ، فَكَانَتْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُفِيدَةً جَوَابَ هَذَا السَّائِلِ.
وَمَجِيءُ صِيغَةِ الْقَصْرِ فِيهَا مُؤْذِنٌ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ إِقْصَاءُ فِرَقٍ أُخْرَى عَنْ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ، غَيْرِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَانَ إِقْصَاؤُهُمْ بِالصَّرِيحِ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنَ الْمَوْصُولِ وَصِلَتِهِ خُصُوصَ الْمُسْلِمِينَ، لِأَنَّ مَجْمُوعَ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي الصِّلَةِ لَا يَثْبُتُ لِغَيْرِهِمْ، فَالْيَهُودُ وَالنَّصَارَى آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ لَكِنَّهُمْ لَمْ يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَمْ يُؤْتُوا الزَّكَاةَ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ الْعِبَادَتَانِ الْمَعْهُودَتَانِ بِهَذَيْنِ الِاسْمَيْنِ وَالْمَفْرُوضَتَانِ فِي الْإِسْلَامِ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ [المدثر: 43، 44] كِنَايَةً عَنْ أَنْ لَمْ يَكُونُوا مُسْلِمِينَ.
وَاسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ الْإِيمَانِ بِرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ آثَارِ شَرِيعَتِهِ: وَهُوَ الْإِيمَانُ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ: وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 141
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست